التعليم والتنافسية في تايلاند وإمکانية الإفادة منها في تطوير نظام التعليم قبل الجامعي في مصر

الملخص:
استهدف هذا البحث صياغة آليات مقترحة تسهم في تحقيق جودة التعليم قبل الجامعي وفي الوقت نفسه تزيد من القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. وللوصول إلى هذه الغاية حلل الباحث علاقة التعليم الأساسي بمفهوم التنافسية في المجتمع التايلاندي. وبالإضافة إلى هذا، درس الباحث الآليات التي طبقتها وزارة التربية والتعليم التايلاندي لتحسين جودة التعليم قبل الجامعي.  وقد وظف هذا البحث أداة دراسة الحالة (Case Study) وأداة المقارنة المرجعية (Benchmarking).
     وانتقد البحث الراهن وصول التعليم قبل الجامعي المصري إلى مرحلة غير مسبوقة من التدني وتدهور الجودة التعليمية. وقد أسهمت عدة مشکلات مترابطة في تعميق الهوة السحيقة التي انحدر إليها وسقط بها التعليم في العقد الأخير. ومن بين هذه المشکلات تدني ترتيب التعليم المصري في تقارير التنافسية الدولية، وتدني جودة التعليم قبل الجامعي، وانخفاض جودة البرامج المهنية المقدمة للمعلمين في أثناء الخدمة، وعدم مراعاة البرامج التدريبية المقدمة لمديري المدارس لاحتياجاتهم الفعلية، وقدم برامج التنمية المهنية المقدمة لهم وتدني مستوى جودتها. وقد کان لهذه المشکلات أسوأ الآثار على القدرة التنافسية للدولة المصرية.
     ومن ثم، سعي هذا البحث إلى الإجابة عن السؤال الرئيسي التالي: ما الآليات المقترحة لتحقيق جودة التعليم قبل الجامعي في مصر بهدف تحقيق التنافسية؟. ويتفرع من هذا السؤال الرئيسي السؤالان التاليان:
1)     ما واقع التعليم الأساسي والتنافسية في تايلاند في الفترة من 2001 إلى 2016؟
2)     ما طبيعة سياسات إصلاح التعليم قبل الجامعي في تايلاند في الفترة من 2001 إلى 2016؟
     وسعياً للخروج من هذه المعضلة، قام الباحث بتحليل المبادرات التي نفذتها دولة تايلاند لتحسين جودة التعليم قبل الجامعي بها ولتعزيز قدرتها التنافسية. ويؤکد الباحث أن التنافسية تتحدد إلى حد کبير بواسطة قدرات القوي العاملة بها، وبکيفية توظيفها لهذه القدرات. وتشهد المهن والوظائف في جميع دول العالم ارتقاء في نوعية المهارات والمعارف اللازمة لأدائها. ومن ثم، أصبحت المهن والوظائف أکثر تعقيداً، وأکثر اعتماداً على المستويات الأرقي من الکفاءة التکنولوجية. وتؤثر هذه التغييرات على جميع جوانب التعليم الأساسي والتعليم ما بعد الأساسي. وبالتالي، يجب على التعليم قبل الجامعي أن يؤهل الأفراد لامتلاک المهارات العالية والقدرات المعرفية المتميزة، وأن يعدهم لدخول سوق العمل العالمي بنجاح، وأن يدربهم على کيفية التکيف مع سوق عمل سريع التغيير. وليس هذا فحسب، بل إن على النظم التعليمية أن تنتقل من تقديم التدريب والتأهيل لمهنة معينة إلى تقديم المعارف والکفايات المتصلة بعدة مهن متقاربة والتي تعتمد على الکفايات التکنولوجية العالمية واللازمة للمنافسة في سوق العمل الکوکبي. وقد استخدم الباحث أداة دراسة الحالة وأداة المقارنة المرجعية لتحليل جهود الحکومة التايلاندية في هذا الصدد. وقد حلل الباحث التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، وخطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتقارير الصادرة عن مکتب رئيس الوزراء في تايلاند سعياً لاستجلاء طبيعة الممارسات التي نفذتها الدولة التايلاندية لاستخدام التعليم کآلية فعالة للنهوض الاقتصادي وتحقيق التنمية البشرية.
     واقترح البحث تنفيذ عدة آليات لإصلاح التعليم قبل الجامعي المصري في ضوء الاستفادة من التجربة التايلاندية. حيث طالب الباحث بتحسين الجودة التعليمية في المناطق الفقيرة والمهمشة، وبقياس الجودة في مختلف مدارس الجمهورية، وبنشر نتائج تصنيف المدارس المصرية على موقع وزارة التربية والتعليم والهيئة العامة للاعتماد والجودة والإدارات التعليمية المختلفة على شبکة الإنترنت، وبربط التعليم بالخطط القومية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبصياغة خطة استراتيجية لإصلاح التعليم تعتمد على المؤشرات الکمية، وبتطوير برامج إعداد مديري المدارس، وباختيار أفضل العناصر للالتحاق بکليات التربية، وبتطوير برامج إعداد المعلم بکليات التربية المصرية في ضوء أحدث الاتجاهات العالمية، وبجعل مدة الدراسة بهذه الکليات 5 سنوات بدلاً من أربعة، وبتطوير برامج التنمية المهنية المقدمة للمعلمين في أثناء الخدمة، وبتحديث المناهج التدريبية لهذه البرامج، وبتقديم منح للمعلمين للحصول على الماجستير من الجامعات المصرية والأجنبية، وبتطوير الأکاديمية المهنية للمعلمين، وبصياغة معايير مهنية وأخلاقية جديدة للمعلمين العاملين بمهنة التدريس، وبإعادة هيکلة ديوان عام وزارة التربية والتعليم، وبتطوير وتحديث تکنولوجيا المعلومات والاتصالات في النظام التعليمي، وبربط الإدارات والمديريات التعليمية بشبکة اتصالات حديثة، وبتطوير مناهج تکنولوجيا الاتصالات والمعلومات في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي، وبتحسين جودة أداء الإدارات التعليمية.
     وأوصي الباحث بتنفيذ عدة إصلاحات من أهمها: زيادة أعداد التلاميذ الملتحقين ببرامج الطفولة المبکرة (التوسع في معدلات الالتحاق الإجمالي)، والتوسع في معدلات الالتحاق الصافي ببرامج رياض الأطفال وتحسين جودتها التعليمية، وتخفيض سن الالتحاق بالمدرسة الابتدائية، وضمان اتقان التلاميذ لمهارات القراءة والکتابة، وتقوية المهارات اللغوية للتلاميذ في اللغة الأم (اللغة العربية)، واللغة الإنجليزية، وزيادة معدلات الالتحاق بالمراحل التعليمية المختلفة، وتطوير نظام الإدارة المدرسية، وتحسين الجودة التعليمية، وزيادة الميزانية المخصصة لتدريب مديري المدارس، وتحويل 500 مدرسة إلى مدارس تضارع المستويات العالمية، وجعل التعليم لمدة 15 عاماً بداية من ثلاث سنوات للتعليم قبل الابتدائي وصولاً إلى 12 عاماً من التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي مجانياً وإلزامياً، وإصدار عدد من القوانين المنظمة للتعليم، وإنشاء شبکة قومية للإنترنت والفيديو کونفراس تربط جميع المدارس على المستوى القومي، والاهتمام بتدريس التربية الأخلاقية في المدارس، وجعل تحسين تنافسية الدولة وتعزيز التنمية المستدامة أحد أولويات السياسة التعليمية، وجعل التنمية البشرية الشاملة والمتوازنة أحد أولويات السياسة التعليمية.
     ويؤکد الباحث أن على الحکومة أن تطبق مدخلاً أکثر فاعلية لتحسين القدرة التنافسية لمصر وذلک من خلال إعادة النظر في أدوارها المتصلة بتشجيع النمو الاقتصادي؛ حيث يجب أن تلعب الدولة دوراً أکثر فاعلية في توجيه السياسات الاقتصادية المحفزة للنمو والتي تزيد من القدرة التنافسية للمؤسسات المصرية، وأن تجرى مزيداً من الدراسات المتعمقة لفهم العوامل الأخرى المؤثرة على القدرة التنافسية. وليس هذا فحسب، بل يجب على الحکومة أن توظف استراتيجيات التحليل الاقتصادي للقطاعات المختلفة في صياغة وتنفيذ جدول أعمال للإصلاح الهيکلي الجذري الذي يحسن من القدرة التنافسية للصناعات وللمؤسسات التعليمية المصرية. وبالإضافة إلى هذا، يجب أن تقوم الحکومة المصرية بإنشاء وتطوير البنية التحتية الأساسية اللازمة لتشجيع الابتکار والبحث العلمي، وأن تحدد السياسات بالغة الأهمية لتحفيز الاختراعات، وتحسين جودة المؤسسات المعنية بالبحث والتطوير، ورفع مستوى جودة البنية التحتية التکنولوجية، وإصدار التشريعات الازمة لذلک.
Abstract:
This piece of research aimed at formulating suggested mechanisms capable of increasing the level of quality of pre-university education and at the same time raising the competitive capabilities of the Egyptian economy. In order to achieve this target, the researcher analyzed the relationship between basic education and competitiveness in the Thai society. In addition, the researcher investigated the mechanisms implemented by the Thai Ministry of Education to improve the quality of pre-university education. This piece of research has utilized the case study and the benchmarking as tools of research.
      The current research criticized the underdevelopment of Egyptian pre-university education and its very low quality. The researcher stated that there are a number of factors behind this underdevelopment especially during the last decade. Among these factors the following ones can be mentioned: The low ranking of Egyptian educational system in the international reports of competitiveness, the deteriorating quality of education, the low quality of the professional development programs offered to teachers, and mismatch between the in-service training programs offered to school principals and their actual needs, the rigidity and lack of modernity of the contents of in-service training materials. All these factors together have had deep negative impacts of the competitive capability of the Egyptian state.
      Thus, this piece of research sought to answer the main following question: What are the suggested mechanisms for improving the quality of pre-university education in Egypt and raising the level of its competitiveness?. From this main question: two sub-question evolve:
A)    What is the status-quo of basic education and competitiveness in Thailand from 2001 to 2016?
B)    What is the nature of the reform policies of pre-university education in Thailand from 2001 to 2016?
      In order to overcome the problems encountering the Egyptian educational system, the researcher has analyzed the initiatives implemented by Thailand to reform pre-university education and to reinforce her competitive capabilities. The researcher assure that competitiveness is determined to a large extent by the capabilities of manpower and the utilization of such abilities. As professions and jobs, all over the world, are witnessing ta continuous improvement in the quality of skills and knowledge of labourers, professions have become more complex and more dependent on the advanced levels of technological efficiency. Such changes have influenced all aspects of basic education and post-secondary education. Consequently, pre-university education should equip individuals with the advanced skills and higher knowledge bases, prepare them to enter successfully the international labour market, and train them on how to adapt to a quickly changing labour market. In addition to this, the educational systems should move from providing training to a limited number of professions to providing knowledge and competencies related to a number of interrelated professions. Such newly interrelated professions should depend on global technological competencies necessary for competition in the international labour market. The researcher has used the case study and benchmarking tools in analyzing the efforts exerted by the Thai government in this respect. The researcher has analyzed the official reports published by the Thai Ministry of Education, The Thai national plans of economic and social development, and the official reports published by the Thai prime minister office. All such official reports were studied with the purpose of clarifying the nature of the practices implemented by the Thai government to utilize education as the spearhead of economic welfare and human development.  
       The current piece of research has recommended that the Egyptian government implement a number of mechanisms for improving pre-university education in the light of the Thai experience. The researcher suggested the following suggestions: improving the educational quality of schools located in the poor and marginalized areas, measuring quality in all Egyptian schools, publishing the ranking of schools quality on the website of the Egyptian Ministry of Education, and the National Authority for Quality Assurance and Accreditation, and the various educational directorates, linking education to the national plans of social and economic development, designing a new strategic educational plan depending on quantitative criteria, developing the in-service training programs of school principals, selecting the gifted students to enroll at faculties of education, improving the curricula and courses at the Egyptian faculties of education in light of the most recent pedagogical trends, increasing the number of years to be studied at faculties of education to become 5 years instead of four, reforming the teachers’ professional development programs and upgrading their pedagogical contents, offering free scholarships for teachers to obtain master degrees from Egyptian and international universities, improving the training courses and functions of the National Academy for Teachers’ Professional Development, formulating new professional and ethical codes for the teaching profession, restructuring the Ministry of Education, modernizing the ICT infrastructure of the educational system, linking educational governorates and directorates with a modern communication network, developing the ICT curricula at all grades, and improving the efficiency of administrative bureaucracy at all educational directorates.
      In addition, the researcher suggested the following: increasing the gross enrolment ratios and the net enrolment ratios of pupils at nurseries and kindergartens, improving the pedagogical quality at early education institutions, lowering the age for enrolment at primary schools, improving the literacy and numeracy skills of basic education students, raining the linguistic competencies of students in the Arabic language and English language, increasing the net enrolment ratios at all educational levels, modernizing the administrative efficiency of school principals, increasing the budget allocated for training school principals and deputy principals, upgrading the educational quality of 500 public schools to the level of public schools in advanced western countries, making pre-school education from 3 to 6 years  and secondary education from 15 years to 18 years compulsory and free, reforming educational laws, linking all Egyptian schools with a united national videoconference network, teaching ethical education at all grades, putting the improvement of competitiveness and sustainable development on the top of national agenda of educational development, prioritizing the human development and balanced development among the national goals.
      The researcher postulates that implementing a more effective approach for improving the competitive efficiency of the Egyptian state is mandatory. Thus, it is of utmost importance that the Egyptian government reconsider its roles related to encouraging economic growth whereby the state plays a more efficient role in directing the economic policies stimulating growth, increasing the competitive advantages of the Egyptian institutions and sectors, and in conducting more in-depth studies related to competitiveness in the Egyptian society. In addition to these suggestions, the Egyptian government should implement the strategies of economic analysis of different sectors in formulating and implementing an agenda of radical structural reform in the Egyptian industries and educational institutions. The researcher also recommends: the upgrading of the basic infrastructure of scientific research and innovation, implementing the policies necessary for encouraging patents and invention, improving the quality of research institutes, modernizing the quality of technological infrastructure, and issuing the laws related to scientific research.